المراسي المكانية في التدريب

Spatial anchors in training

ندرك جميعا أهمية توظيف لغة الجسد في التدريب وأن تأثيرها في الإلقاء يفوق تأثير الكلمات وطبقات الصوت والدراسات والأبحاث العديدة تثبت ذلك ،، ويعتقد البعض أن الإكثار من حركة الأيدي وكثرة الحركة والتنقل والمشي داخل قاعة التدريب مطلب وواجب للمدرب لكي يكون حضوره مشوقا وأداءه مؤثرا !!

ويبالغ بعض المدربين والمحاضرين والمتحدثين في الحركة بلا وعي منهم وكأنك تشاهد أسدًا يتجول في عرينه , أو يحرك يديه يمنة ويسره زاعمًا أن لغة الجسد هي كل شيء في الإلقاء وكأنه لاعب كراتيه !!!

نعم ،، كثرة الحركة طوال وقت الدورة مؤثر ومؤثر جدا ولكن للأسف ( تأثيره سلبيا ) !!! ومشتت للذهن والتركيز !! ومزعج جدا للمتدربين وسبب لإنسحاب بعض المتدربين من استكمال البرنامج التدريبي!!

والنصيحة الذهبية :
( إذا كانت حركاتك لا واعية فالأفضل ألا تتحرك إطلاقا ) !!

إذا .. نحن بحاجة أن تكون حركاتنا تحت الوعي ومقصودة ومرتبطة بالمعنى والسياق ، وأن تكون أداة لتوصيل الرسائل الضمنية التي نود إرسالها للمتدربين بطرق غير مباشرة ..
ولكي تكون تنقلاتك وحركاتك المسرحية واعية ،، يمكنك إستخدام ما يسمى بالمراسي المكانية ..
وهي عبارة عن تخيل بوجود علامات على الأرض تعتبرها مرساة تتنقل لها وقت الحاجة ..
ويمكن التدرب عليها في البداية بوضع أوراق معلمة أو مرقمة ..
من المراسي المكانية التي يمكن توظيفها ..
– مرساة التأكيد ..
حيث يمكن لك أن تتحرك وتنتقل لمكان محدد لأجل الحديث عن موضوع بالغ الأهمية , ومجرد أن تنتقل لنفس المكان يدرك الحضور أنك ستتحدث عن أمر مهم .
– مرساة استقبال الأسئلة ..
ويكون موقعها مخصص لاستقبال الأسئلة والمداخلات ومجرد توجهك لها تصل الرسالة للمتدربين وكأنك تقول لهم حان وقت الأسئلة وكأنك تشجعهم وتحفزهم على المداخلات والتفاعل دون أن تذكر لهم ذلك , وبدلا من قولك لهم : ( أنتهى وقت المداخلات واستقبال الأسئلة ) تحرك من المكان “فقط” !! يمكنك هنا اعتبار الكرسي مرساة لاستقبال الأسئلة ويفضل في قاعات التدريب استخدام الكراسي الخشبية المرتفعة والخالية من الأيدي الجانبية ..

– مرساة التصنيفات ..
لنفترض أنني اقدم دورة مقياس هيرمان على سبيل المثال , وهي أربعة تصنيفات لأنماط التفكير , فعند الحديث عن النمط الموضوعي اتحدث في مكان محدد لنفرض أنه النقطة “A” , وأنتقل لنقطة أخرى على الأرض “B” عند الانتقال للحديث عن النمط التنفيذي , وبعدها اتحرك للنقطة “C” عند ذكر النمط المشاعري , واتحرك للنقطة الأخيرة “D” عندما أنتقل للحديث عن النمط الإبداعي ..
وبمجرد عودتي لأي من النقاط ” المراسي” الأربع يعرف الجميع بأن حديثي ووصفي خاص بأصحاب هذا المكان ..
– مرساة القصص ..
تقف في نقطة محددة عند سرد القصة , وتبتعد عنها في حالة الإستطراد , وبمجرد عودتك لمرساة القصة يعرف الجميع أنها جاء وقت استكمالها , وهي فعالة جدا في حالة القصص المفتوحة والقصص المتداخلة وسيتم شرح إستراتيجية سرد القصص والقصص المتداخلة في التدريب في مقال لاحق بإذن الله تعالى .
– مرساة التوبيخ والعتاب ..
فبدلا من توقفك عن التدريب وتوجهك لمتدرب انشغل وسبب إزعاج لبقية المتدربين بالأحاديث الجانبية أو بمكالمة جوال تتوجه للمرساة , وهنا : الرسالة وصلت ويمكن استخدامها لعدة رسائل منها كإستخدام الجوال ، التأخير ، المناقشات المزعجة بين المتدربين ..
– مرساة الأمثلة السلبية ..
من المحاذير في التدريب الإشارة للأمثلة السلبية باتجاه المتدربين , وأحيانا دون وعي من المدرب يشير للمتدربين عند ذكر الأمثلة السلبية وقد يشير بال وعي منه للمتدربين وهو يذكر أمثلة كالحيوانات مثلا  .. والطريقة المثلى أن تختار مكان مهمل والحذر أن يكون تجاه مدخل القاعة , وتشير إليه عند ذكر مثل هذه الأمثلة ..

– مرساة الماضي والحاضر ..
فعودتي خطوة للوراء وحديثي عن أساليب التعلم قديما , وبعد نهاية حديثي وتقدمي خطوة للأمام فيعني ذلك أنني سأتحدث عن التعلم في القرن الواحد والعشرين “على سبيل المثال”

 

يمكنك استخدام هذه المراسي المكانية إما بالتنقل لها أو الإشارة لها باليد أو بالنظر ..

تدريب عملي ..
لكي تتخلص من الحركة اللاواعية ، قف أمام زميل لك أو مرآة ويفضل أن تكون طويلة بحيث تعرض لك كامل جسدك ، واختر أي موضوع وتحدث عنه ،،
قف منتصبا وثابتا ورجليك ملتصقتان تماما بالأرض وذراعيك ويديك ملتصقتان بجانبيك ،، لا تتحرك إطلاقا !! قاوم رغبتك بتحريك يديك أو رفع قدميك عن الأرض !! استمر بالحديث بدون أي حركة لجسدك أو يديك !! رااائع ..
قم بالعملية مرة أخرى ،، ولكن هذه المرة بالسماح ليديك بالتحرك بوعي وباستخدام إشارات معتدلة ومعبرة ومتوافقة مع حديثك ..
كرر هذه العملية عدة مرات حتى تتقنها ..
ستلاحظ الفرق وستجد أنك بدأت بالتحكم وبالشعور بجسدك وبحركة يديك ..

الخلاصة ،،
إذا كانت حركاتك وتنقلاتك أمام المتدربين بلا وعي ،، فالأفضل أن لا تتحرك أبدا !!!

عبدالرحمن العبدالوهاب
مدرب ومهتم بالتدريب والتنمية البشرية

عن admin

شاهد أيضاً

ضع حزامك الأسود خارجًا

قصة جميلة قرأتها في مقدمة أحد الكتب المترجمة ,, يذكر فيها الكاتب أنه فكر في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *